قرأت قبل عدة أيام خبرا مفاده حجب خدمات برنامج «فايبر» التي يقدمها لمستخدميه في السعودية، ومنعهم من تبادل المعلومة المكتوبة والصوتية بحجة أنه غير آمن (أي غير مراقب) وقد يستخدم لأغراض غير شرعية تهز الأمن والأمان، أو لأنه غير متوافق مع شروط الهيئة التي لا أعرفها كمستخدم (وأتمنى أن أعرفها يوما). وبغض النظر عن صحة التبريـرات من عدمها تذكرت تلك الصفحة الخضراء (عفوا، الموقع المطلوب غير متاح) وبداياتها على مواقع الويب. وكيف تمكن المستخدمون من ابتكار حلول لتجاوزها. ما يجدر قوله هو أنني حين أردت أن أستزيد في سياسة هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات وآلية حجبها للمواقع والبرامج (أو آلية الترشيح كما هو منصوص بموقعها) صدمت من ضآلة المعلومات الموجزة وعموميتها، وأنها لا تفي لفهم الدستور الذي يطبقونه.
لذلك نرى في المقابل ردود أفعال متباينة من الجمهور وهذا أمر طبيعي لغياب الشفافية بالعمل، فمنهم من قال (وأنا من هؤلاء) أن هذا القرار أتى لخدمة شركات الاتصالات المزودة للخدمات، فبرامج التواصل الاجتماعي أربكت وارداتهم المادية ولم تعد بضخامتها السابقة، وأن وجودها سيزيد من ربكتهم لأنها في تطور مستمر. وهنالك من يقول إنها تستخدم لأغراض سيئة دون توضيح حجم السوء أو عرض نماذج حقيقية حاضرة أو حتى حدث قديم من الأرشيف !. كل هذه الآراء الفوضوية سببها واحد كما أعتقد وهو غياب الشفافية والوضوح مع المستخدمين. ولو كان الأمر شفافا بالقدر الكافي لتفهم الناس أسباب حجب «فايبر». وسيتفهم الناس حجبهم المتوقع لبرنامج «واتساب» وغيرها من البرامج بالمستقبل القريب. ما هو المانع بأن يظهر مسؤول من مزودي خدمات الاتصال ويقول إن هذه التكنولوجيا ستقودنا للفشل؟، وإنا لانملك خطة جيدة في التعامل مع هذا المد الهائل من آليات التواصل الاجتماعي عبر الانترنت ؟.
نحن في الزمن الذي لا يمكنك أن تحجب به أي تدفق معلوماتي، مهما بالغنا في بناء السدود وحذرنا من الاقتراب منها. لذلك لم يعد هنالك أي فائدة لثقافة حجب المعلومة كما هو الحال سابقا، بل أظن أن حجب أي معلومة أو مقال أو حتى مقطع فيديو سيكسبه المزيد من الجمهور، وسيجعل مجال انتشاره أكبر بكثير. نحن بحاجة إلى خلق نمط جديد للتعايش مع هذا الواقع بالتنوير والتأسيس الصحيح لأفكار الناشئين بدلا من قمعها بحجج واهية. فكل ممنوع مرغوب.. والآن كل ممنوع (مقدور) عليه ومن السهل جلبه.